تُعد رواية "اختفاء" (Anatomy of a Disappearance) للكاتب الليبي العالمي هشام مطر، الحائز على جائزة بوليتزر، واحدة من أكثر الروايات عمقاً وشاعرية في تناول موضوع الفقد والغياب. إنها ليست مجرد قصة عن اختفاء سياسي، بل هي تشريح دقيق لمشاعر الابن الذي يحاول العثور على والده في ثنايا الذاكرة.
عندما يغيب الأب.. هل يختفي حقاً، أم يصبح حضوره أكثر ثقلاً؟
تبدأ الحكاية من منظور "نوري"، الطفل الذي يعيش في المنفى مع والده المعارض السياسي البارز. يعيش نوري في ظل والده القوي والغامض، وتزداد تعقيدات مشاعره عندما يقع في حب "نونا"، المرأة التي يتزوجها أبوه لاحقاً. لكن فجأة، يختطف الأب في ظروف غامضة، ويترك نوري وحيداً في مواجهة فراغ هائل لا يمكن ملؤه.
سيكولوجية الفقد: يغوص هشام مطر في كيفية تشكيل "الغياب" لهوية الإنسان. نوري لا يبحث عن والده في السجون فحسب، بل يبحث عنه في رائحة ملابسه، وفي ملامح النساء اللواتي أحبهن، وفي ذكرياته الخاصة.
البعد السياسي والإنساني: رغم أن الاختطاف ذو خلفية سياسية، إلا أن الرواية تبتعد عن الصراخ السياسي لتركز على الأثر الإنساني الصامت والمؤلم الذي تتركه الأنظمة القمعية في حيوات العائلات.
اللغة والأسلوب: يتميز قلم هشام مطر بالرقة الشديدة والهدوء القاتل. الرواية مكتوبة بلغة سينمائية تصف الأماكن (بين القاهرة، لندن، وجنيف) كأنها شخصيات تشارك في الحزن.
البحث عن الهوية: هي رحلة نمو مؤلمة لصبي يحاول أن يصبح رجلاً تحت وطأة لغز لم يُحل أبداً.
هذه الرواية لكل من يبحث عن الأدب الذي يلمس الوجدان بعمق. إنها قصة عن الحب، الغيرة، الندم، والأمل المشتعل الذي يرفض أن ينطفئ رغم مرور السنين. إنها مرثية طويلة لكل من غُيّبوا قسراً، ولكل من تُرِكوا وراءهم ليعيشوا مع الأشباح.
خلاصة الرواية: "دراسة مذهلة وموجعة للقلب حول كيف يمكن للغياب أن يكون أقوى من الحضور، وكيف يقضي المرء حياته بأكملها وهو يحاول ترميم ملامح شخص سُرق منه."